استراتيجية تعلم حل المشكلات
تعد مهارات مواجهة المشكلات والتصدي لها ومحاولة حلها من المهارات الأساسية التي ينبغي أن يتعلمها ويتقنها الإنسان العصري ليواجه بها تحديات المستقبل ومشكلاته، من هنا أصبح أسلوب حل المشكلات من الاستراتيجيات الفعالة في التعليم والتعلم.
إن القدرة على حل المشكلات تعد متطلباً أساسيا لاستمرار حياة الإنسان، لكثرة المشكلات التي يواجهها يومياً، لذا فإن الإلمام بالأساليب المختلفة في مواجهة المشكلات ومحاولة إيجاد حلول لها باستخدام مهارات التفكير، من الكفايات التي ينبغي أن يمتلكها الإنسان الذي تتسم حياته بسرعة التغير والتبدل كي يتمكن من تحقيق التوافق والتكيف والنمو السوي دون إحباطات، ولعل الحاجة إلى التكيف والتوافق واستعادة التوازن هي من الأسباب الرئيسة التي تدعو الإنسان إلى التصدي للمشكلات التي تواجهه والسعي إلى إيجاد حلول لها بما يناسب احتياجاته وطموحه.
وتدعو كثرة المشكلات التي يواجهها الإنسان في مسيرة حياته، واختلافها في طبيعتها وعناصرها والأطراف المشاركة فيها إلى اكتساب المعارف والمهارات والاتجاهات التي تمكنه من حل تلك المشكلات، لذا فإن من واجب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات مساعدة الطلبة على امتلاك مهارات حل المشكلات، وتحقيق التوازن النفسي وفي اتخاذ القرارات السليمة في المواقف التي يواجهونها، وإتاحة الفرص لهم كي يطوروا مهارات التفكير الناقد وتوظيفها في حل المشكلات، معتمدين على أنفسهم وقدراتهم الذاتية.
أولا: مفهوم المشكلة:
هناك تعريفات عدة لمصطلح المشكلة تشترك فيما بينها بالسمات الآتية:
• موقف يشكل تحديا للشخص ويحتاج إلى حل.
• يستطيع الشخص أن يجد حلاً أو طريقاً واضحاً للوصول إلى حل بالإمكانات المتوافرة لديه.
• أما حل المشكلة فهو الطريقة التي يستخدم بها الشخص المعلومات والمهارات التي أكتسبها سابقاً لمواجهة متطلبات موقف جديد غير مألوف، أو هو سلوك موجه لبلوغ الهدف، ويبدأ حل المشكلة عندما يشعر الفرد بوجود عائق يحول بينه وبين بلوغ هدف معين وينتهي عند بلوغ الهدف المنشود.
ومن الطرق التي انبثقت من مفهوم المنهج الحديث، طريقة حل المشكلات التي يبرز من خلالها دور المتعلم كعامل أساسي في العملية التعليمية، باعتبارها تهيئ للمتعلم الفرص الملائمة لإبداع أنواع النشاط الذهني، والعقلي والعاطفي، والحركي نحو الموجهة دراسة مشكلة معينة، كما أن هذا الأسلوب يمكن استخدامه في مختلف المراحل التعليمية.
والمشكلات هي حالة يشعر فيها الطلبة بأنهم أمام موقف، قد يكون مجرد سؤال – يجهلون الإجابة عنه، أو غير واثقين من الإجابة الصحيحة عنه ويشعرون بالرغبة في الوقوف على الإجابة الصحيحة.
وتعد طريقة حل المشكلات من الطرق التي يتم التركيز عليها في التدريس، وذلك لمساعدة الطلبة على إيجاد الحلول لمواقف المشكلة بأنفسهم انطلاقاً من مبدأ هذه الطريقة التي تهدف إلى تشجيع الطلبة على البحث والتنقيب والتساؤل والتجريب.
وتتألف طريقة حل المشكلات من تنظيم العمل الدراسي بشكل يضع الطالب أمام مشكلة تدفعه إلى إيجاد الحل المناسب لها باستغلال قواه العقلية.
ثانيا: اختيار المشكلات:
تعرف المشكلات بشكل عام على أساس أنها حالة يشعر فيها الفرد بأنه أمام موقف مشكل، أو سؤال محير يجهل الإجابة عنه، ويرغب في معرفة الإجابة الصحيحة له. ومن الأمور التي يجب مراعاتها عند اختيار المشكلات، أو المواقف التي تتخذ محوراً للدرس ما يأتي:
• أن يشعر المتعلم بأهمية المشكلات المبحوثة، كان ترتبط المشكلات بحاجة الطالب أو اهتماماته، أو حاجات مجتمعه.
• أن تكون المشكلات المبحوثة في مستوى تفكير الطالب، بحيث تستنير أفكاره وتتحدى قدراته، وتستدرجه إلى حلها.
• أن ترتبط المشكلات، أو المواقف بأهداف الدرس، بحيث يكتسب الطالب خلال حلها المعرفة العلمية.
• "يجب في اختيار المشكلات وتحديدها أن يؤخذ بعين الاعتبار ظروف جامعاتنا بما فيها من إمكانات وأدوات".
• ايجابيات طريقة حل المشكلات:
• أنها تساعد في نماء القدرة على التفكير لدى المتعلم.
• أنها تساعد في بناء ونماء مهارات استخدام المصادر والمراجع العلمية لدى المتعلم.
• أنها تساعد على إبراز شخصية المتعلم في العملية التعليمية.
• أنها تساعد على تكوين المنهج العلمي وتنميته لدى المتعلم.
• تثير طريقة حل المشكلات فاعلية في الدرس ولاسيما إذا كانت من نوع يجعل ذهن الطالب فعالاً ويقظاً دائماً.
• يمكن تكييفها بسهولة للأوضاع الصفية الاعتيادية.
سلبيات حل المشكلات:
تواجه استراتيجيات حل المشكلات العديد من السلبيات منها:
• تتطلب زمنا طويلاً مما يعيق المتعلم من دراسة المفردات الدراسية الأخرى.
• تسبب في إحداث فجوة في بناء المادة العلمية لدى المتعلم بما تسببه من خلل في بناء المعرفة العلمية، والخبرة لدى المتعلم، نظراً لانقطاع المتعلم عن متابعة الدراسة لمفردات المادة العلمية لفترة طويلة، وهذا يؤدي إلى الإخلال ببناء المحتوى، وخبرات التعلم، وهي الاستمرار والتتابع والتكامل.
• أنها تتطلب مكتبات متطورة تلبي احتياجات الدارسين.
مزايا تعليم الطلاب حل المشكلات:
تتسم استراتيجيات حل المشكلات بالعديد من المزايا منها:
• تنمية مهارات التفكير العليا لدى الطلاب خاصة مهارات حل المشكلات واتخاذ القرار والتفكير الناقد.
• زيارة قدرة الطلاب على فهم المعلومات وتذكرها لفترة طويلة.
• زيادة قدرة الطلاب على تطبيق المعلومات وتوظيفها في مواقف حياتية جديدة خارج الجامعة وحل المشكلات العرضية التي تواجههم في حياتهم العملية.
• إثارة الدافعية للتعلم لدى الطلاب والاستمتاع بالعمل.
• تعديل البنية المعرفية ( المفاهيمية) لدى الطلاب وتعديل الفهم البديل (الخطأ) لديهم.
• تنمية الاتجاهات العلمية وحب الاستطلاع والمواظبة على العمل من أجل حل المشكلة دون ملل أو يأس.
• زيادة قدرة الطلاب على تحمل المسئولية وعلى تحمل الفشل والغموض.
• زيادة قدرة الطلاب على الاستفادة من مصادر التعلم المتنوعة والمتعددة، بحيث لا يعتمد فقط على الكتاب الدراسي كمصدر وحيد للمعرفة.
• فإذا كنا قد تيقنا أن تعليم الطلاب أسلوب حل المشكلات يعد أمراً في غاية الأهمية يبقى لدينا سؤال مهم هو: (كيف نعلم الطلاب أسلوب حل المشكلات؟)
• توفر الظروف اللازمة لجعل التلميذ يكتشف المعلومات بنفسه بدلاً من أن يتلقاها جاهزة من كتاب أو من معلم، أي إنها تهدف إلي أن يكون المتعلم منتجًا للمعرفة لا مستهلكًا لها.
• تؤكد على العديد من العمليات العقلية (الملاحظة – الاستنتاج – الوصف – التصنيف – التنظيم – التحليل – التفسير –... وغيرها.
• تركز علي تعليم التلاميذ كيف يفكرون، وكيف ينظمون أفكارهم ويديرون المناقشة.
• تؤكد على الأسئلة المنشطة والمحفزة للتفكير.
• تحقق ذاتية التلميذ وتجعله أكثر قدرة على تقبل الخبرات الجديدة، والكشف والبحث والنقد، ويكون أكثر ابتكاريه.
• تتلاءم مع الحياة، إذ أن مواجهة المشكلات ومحاولة إيجاد حلول لها من الخبرات التي يواجهها الفرد في حياته اليومية ؛ لذلك فإن استخدام هذه الاستراتيجية تُعد الفرد للحياة.
• تمكن التلاميذ من تقويم عملهم، وتزودهم بتغذية راجعة عن أدائهم، ومدى تقدمهم نحو الحل.
ثالثا: الأسس والمبررات التربوية التي تستند إليها طريقة حل المشكلات:
• تتماشى طريقة حل المشكلات مع طبيعة عملية التعليم لدى الأفراد المتعلمين التي تقتضي أن يوجد لدى الطالب المتعلم هدف أو غرض يسعى إلى تحقيقه.
• تتفق طريقة حل المشكلات وتتشابه مع مواقف البحث العلمي، وبالتالي فهي تنمي روح التقصي والبحث العلمي لدى الطلبة.
• تجمع طريقة حل المشكلات في إطار واحد بين شقي العلم بمادته، وطريقته، فالمعرفة العلمية في هذه الطريقة وسيلة للتفكير العلمي، ونتيجة له في الوقت نفسه.
• تتضمن طريقة حل المشكلات اعتماد الفرد على نشاطه الذاتي لتقديم حلول المشكلات العلمية المطروحة.
رابعا: المعالم الأساسية لاستراتيجيات حل المشكلات:
• إن التدريس بهذه الاستراتيجية يستهدف أصلاً تنمية مهارات حل المشكلات وما يصاحب ذلك من تعلم محتوى دراسي في أثناء ممارسة خطوات حل المشكلات.
• إن المعلم في ضوء تلك الاستراتيجية هو الميسر والمرشد والموجه للتعلم – فهو يطرح مشكلات ويسأل أسئلة وييسر البحث والاستقصاء والحوار بين الطلاب، إضافة إلى أنه يوفر بيئة منفحته تتيح توليد الأفكار ومناقشتها وتقييمها.
• إن محور التعلم طبقاً لهذه الاستراتيجية هو مشكلة تتحدى تفكير الطلاب ولها علاقة بما تم دراسته وذات مغزى شخصي أو اجتماعي لديهم وواقعية وتحتمل أكثر من حل صحيح واحد.
• يؤدي الطلاب دوراً أساسياً في إنجاز التعلم من خلال ممارستهم للعديد من الأنشطة: تحديد المشكلة، جمع المعلومات والبيانات، وهم يتحملون مسئولية تعلمهم إلى حد كبير جداً.
• تتم أنشطة التعلم من خلال تضافر الطلاب أو تعاونهم مع بعضهم سواء في صورة أزواج أو مجموعات صغيرة أو مجموعات كبيرة.
يتم التدريس بهذه الاستراتيجية من خلال المرور بسبع مراحل أساسية هي:
• إثارة المشكلة.
• تحديد المشكلة.
• جمع البيانات والمعلومات.
• وضع حلول مؤقتة للمشكلة.
• المفاضلة بين الحلول واختيار الحل/ الحلول الأفضل.
• التخطيط للحل وتنفيذه.
• تقويم الحل.
خامسا: استراتيجيات حل المشكلة:
تعد استراتيجيات حل المشكلات مجموعة خطط تدريسية تتيح للمتعلم الفرصة للتفكير العلمي حيث يتحدى الطلاب مشكلات معينة، فيخططون لمعالجتها وبحثها، ويجمعون البيانات وينظمونها ويستخلصون منها استنتاجاتهم الخاصة وعلى المعلم أن يشجعهم ولا يملي رأيه عليهم، فهي استراتيجية تعتمد على نشاط المتعلم وايجابيته في اكتساب الخبرات التعليمية، وذلك عن طريق تحديده للمشكلات التي تواجهه ومحاولة البحث والتنقيب، والكشف عن حلول منطقية لها مستخدمًا ما لديه من معارف ومعلومات تم جمعها، وذلك بإجراء خطوات مرتبة ليصل منها في النهاية إلي استنتاج هو بمثابة حل للمشكلة.
إن حل المشكلات كمهارة تتعدى قدرة الفرد على تطبيق المفاهيم والمبادئ والقوانين التي اكتسبها سابقاً في حل المشكلات، إلى عملية تشكل حلول واقتراح حلول جديدة من حيث الطريقة والخطوات وربما عنصر الحل، وإن امتلاك هذه المهارة يتطلب ممارسة وتدريب على أكبر عدد من المشكلات.
إن المهارات والخطوات المتبعة في حل المشكلات تشكل مسودة للحل وتوجيه الفرد إلى الحل الصحيح ولكنها لا تضمن الوصول إليه، ولكن إذا تعلمها الطلبة فيصبح لديهم القدرة على التعامل مع المشكلات وحلها، سواء أكانت هذه المشكلات داخل قاعة الدرس أو في الحياة. ومن الاستراتيجيات المستخدمة في حل المشكلات وخطواتها ما يأتي:
الاستراتيجية الأولى: (الطريقة العلمية)
وخطواتها أو مراحلها هي:
الشعور بالمشكلة.
• تحديد المشكلة أو صياغتها بصورة تقديرية أو على هيئة سؤال.
• جمع الحقائق والمفاهيم والمبادئ ذات الصلة بالمشكلة.
• وضع الفرضيات لحل المشكلة، أي اقتراح إبدال لعدد من الحلول المحتملة.
• اختيار أنسب الفرضيات.
• اختبار الفرضيات بالتجريب أو باستخدام التفكير النظامي.
• قبول الفرضية مؤقتاً أو رفضها واختيار فرضيات أخرى، أي المثابرة.
• الوصول إلى حل المشكلة.
• استخدام الفرضية الصحيحة كأساس للتعمية في مواقف أخرى متشابهة.
الاستراتيجية الثانية: (الأسلوب المثالي IDEAL) لحل المشكلات:
كلمة (IDEAL) عبارة عن الأحرف الأولى للكلمات المتكونة لخطوات هذه الاستراتيجية وهي:
• تحديد المشكلة (Identification).
• تعريف المشكلة – صياغتها (Definition).
• استقصاء الحل (Exploring Strategies).
• تنفيذ الأفكار (Acting On Ideas).
• البحث عن النتائج (Looking Effects).
الاستراتيجية الثالثة: " التخمين والاختيار":
وخطواتها هي:
• ترتيب المشكلة وتنظيمها.
• تبسيط المشكلة وتنظيمها.
• التجريب.
• التخمين والاختبار.
• الاستنتاج المنطقي.
• القوائم المنظمة.
• العمل بصورة عكسية.
الاستراتيجية الرابعة "التوليد":
ويمكن تحديد خطواتها فيما يلي:
• الشعور بالمشكلة.
• تحديد المشكلة وصياغتها بعبارات واضحة.
• البحث عن الحلول وتوليد الأفكار واقتراح الإبدال الممكنة.
• اختيار الحل الأنسب من بين الحلول الممكنة.
• تطبيق الحل والحلول الممكنة واختبار صحتها.
• انتقال اثر التعلم.
الاستراتيجية الخامسة: حل المشكلات تعاونيا:
تجمع هذه الاستراتيجية – كما يدل مسماها – بين استراتيجية التعلم التعاوني وإستراتيجية حل المشكلات، وتستخدم في تدريس المسائل (المشكلات) الرياضية.
سادسا: مسئولية المعلم في استراتيجيات حل المشكلات:
بالرغم من الاتجاه الحديث الذي يسمح فيه للطالب باستغلال فعاليته الذاتية، إلا أن لعضو هيئة التدريس مسؤولية كبرى في توجيه الطالب وإرشاده كي لا يكبو أو يشذ عن الطريق الصحيح، لذلك على عضو هيئة التدريس أن:
• يحملهم على تعريف المشكلة موضوع البحث، وحفظها في أوهامهم.
• يحملهم على تذكر أكبر كمية من المعلومات والأفكار وتحليل الوضع وصياغة الفروض وتذكر القواعد والأسس العامة التي يمكن استخدامها.
• يحملهم على تعديد الاقتراحات والاعتناء بها وذلك بتشجيعهم على:
• اتخاذ موقف غير متحيز.
• نقد الاقتراحات المقدمة.
• الانتظام في انتخاب الاقتراحات وإهمالها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تكرما ادعمنا بالتعليق