المعلم وبيان أهمية رسالته
إنَّ من أجل المهن وأشرفها ، وأعظمها وأنفسها ، مهنة التعليم ، وهي مهنة الرسل والأنبياء ، وحسب المعلم فخراً ، وأجراً وذخراً ، أن يكون وريث المرسلين ، ليبلغ هدي رب العالمين ، إلى المخلوقين ، كي تكون لهم أجمعين ، المفازة يوم الدين .
مهنة التعليم اسم " المهنة الأم إنها تسبق جميع المهن الأخرى ، كما إنها لازمة ، وهي بذلك تعتبر الأساس الذي يمهد للمهن الأخرى ، ويمدها بالعناصر البشرية المؤهلة علمياً، واجتماعياً، وفنياً، وأخلاقياً. ويكفي المعلم فخراً ومقاماً ، إن المولى جل وعلا قد ذكر فضل العلم والعلماء في محكم تنزيله الكريم ، وكتابه العظيم .
أولاً: شواهد من القرآن الكريم
قال تعالى : إِنّمَا يَخْشَى اللّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [ فاطر: 28]، وقال جلَّ وعلا: يَرْفَعِ اللّهُ الّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [ المجادلة: 11].
، وقال أصدق من قائل: شَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [ آل عمران: 18] , وقال تعالى: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنّمَا يَتَذَكّرُ أُوْلُو الألْبَابِ [ الزمر: 9] , وقال الحق جل وعلا : هَلْ أَتّبِعُكَ عَلَىَ أَن تُعَلّمَنِ مِمّا عُلّمْتَ رُشْداً [ الكهف: 66] ، وقال جل جلاله : وَلَـَكِن كُونُواْ رَبّانِيّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ [ آل عمران: 79]، وقال الحق تبارك وتعالى : عَلّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [ العلق: 5] ,وقال ربُّ العزة والجلال : وَقُل رّبّ زِدْنِي عِلْماً [ طه: 114]، وقال ربُّ العزة: وَاتّقُواْ اللّهَ وَيُعَلّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ البقرة: 282]
، وقال تعالى : وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاّ رِجَالاً نّوحِيَ إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ [ النحل: 43]
تلك عشر آيات مباركات من كتاب الله الكريم ، وهي تُعلي من شأن العلماء والتعليم.
ثانياً : شواهد من أحاديث الرسول e.
يقول الرسول الكريم : ( إنما بعثتُ معلماً) (رواه ابن ماجة ، كتاب المقدمة ، حديث رقم ( 229 )، وإسناده ضعيف). ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام : (العلماء ورثة الأنبياء ) (رواه الترمذي كتاب العلم ,حديث رقم ( 2682 ) حديث صحيح، ، ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من يُرد الله به خيراً يفقه في الدين ) (رواه البخاري ومسلم " الصحيحان ")، ويقول المصطفى عليه الصلاة والسلام ( من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سلك الله له طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم .. الحديث ) (رواه الترمذي برقم 2682 صحيح)، وقال الصادق الأمين : (فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم ) (رواه الترمذي، برقم 2685صحيح) .وقال نبي الرحمة : ( يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ) (البيهقي في شعب الإيمان، 2/265، وضعَّفه الألباني، وثال: إنَّه موضوع، في الجامع الصغير، 1/496)، وقال خاتم الأنبياء والمرسلين: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) (رواه مسلم وغيره صحيح رقم 78) ، ويقول نبيُّ الهداية : ( بلغوا عني ولو آية ) (رواه البخاري)، وقال نبي الأمة : (من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار) (رواه أبو داؤد و الترمذي)، و في خيرية تعلُّم القرآن وتعليمه يقول عليه السلام : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) (رواه البخاري).
تلك عشرة أحاديث شريفة من أحاديث نبيا المصطفى ، وواضح فيها إكرام العلم وأهله ، وتعظيمه وإجلاله .
إذاً فالمعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية التربوية ، وهو الركن الرئيس فيها ،وقد ذكر حسن شحاته . إن المعلم هو " العنصر الأساسي في الموقف التعليمي ، المهيمن على مناخ الفصل الدراسي وما يحدث بداخله ، وهو المحرك لدوافع التلاميذ والمشكل لاتجاهاتهم عن طريق أساليب التدريس المتنوعة ". ومن وجهة نظر عبدالرحمن عبدالسلام . أن المعلم هو من " يقوم بعملية التربية والتعليم، حيث إنه ينقل لتلاميذه المعارف والحقائق ، ويُكَوِّن لديهم مفاهيم معينة ويكسبهم العديد من الميول و الاتجاهات ، والقيم والمهارات المختلفة ، كما يسعى المعلم إلى إحداث تغيرات عقلية ووجدانية ، ومهارات أدائية لدى طلابه".
فالمعلم أحد الركائز الأساسية في المنظومة التعليمية ، فهو الذي يقوم بالعبء الأكبر في تحقيق أهدافها ، وهو المسئول المباشر عن نجاح أو فشل أي مخطط خاص بالعملية التعليمية، ومن ثم فإن نجاح أي نظام تعليمي أو فشله يعتمد إلى حد كبير على وجود المعلم المؤهل تأهيلاً جيداً ليتولى مسئولية تحقيق النمو المتكامل للمتعلمين .
وينظر علماء التنمية البشرية للمعلم على أنه يشكل المصدر الأول للبناء الحضاري الاقتصادي الاجتماعي للأمم من خلال إسهاماته الحقيقية في بناء الأفراد والحجم الهائل الذي يضاف إلى مخزون المعرفة ، و الذي عبرت عنه نظرية "رأس المال البشرى" بأنه كلما نجح المعلـم في زيادة المستويات التعليمية لأبناء الأمم ، كلما ارتفعت معها مستويات المعرفـة ، ومن ثم ترتفع مستويات الإنتـاج القومي العام ، والذي بدوره ينعكس على زيادة مستويات دخل أبناء الأمم وتحقيق الرفاهية الاجتماعيـة. .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
تكرما ادعمنا بالتعليق