لوحات الاعلانات

كتبوا عن الادارة بالتجوال (منى عماد الدين)

منى عماد الدين :
ما يحرص القادة التربويون الناجحون على البقاء قرب ميادين العمل الفعلي، إذ يعدون لقاءاتهم المنتظمة مع الفرق العاملة معهم عاملاً حيويًا لنجاح أعمالهم التربوية.وتعد الإدارة بالتجوال أنموذجًا حقيقيًا لتحقيق ذلك الهدف، وفرصة حقيقية تتيح للمديرين الاطلاع على كل ما يجري داخل مديرياتهم وفي مواقع العمل الميداني، ومناقشة العاملين معهم بأفكارهم، والمشكلات التي تعترضهم، وإنجازاتهم الفردية وما يمتلكه كل منهم من قدرات، وإنجازاتهم الجماعية...، كل ذلك يتم في أجواء غير رسمية.


وفي الوقت نفسه تتيح الإدارة بالتجوال الفرص المناسبة لجميع العاملين في مختلف المستويات التنظيمية في المؤسسة التربوية للتعبير بصورة مباشرة عن وجهات نظرهم لمديريهم، وتمكن المديرين من تنمية مهاراتهم القيادية والتعرف ـ عن كثب ـ على العمليات اليومية وخطوات العمل، باعتبارهم مسؤولين عن متابعة إنجازها.ما أهمية الإدارة بالتجوال؟للإدارة بالتجوال فوائد عدة لكل من المدير وفرق العمل العاملة معه، يمكن إبرازها على النحو الآتي: فيما يتعلق بالمدير:يمكن إيجاز ما يجنيه المدير من خلال تجواله في البنود الآتية:ـ معرفة ما الذي يجري، والبقاء على الاتصال المباشر مع الفرق العاملة وتعرف حاجاتهم الحقيقية، والاستماع لوجهات النظر المختلفة، ونقل آرائه واهتماماته للعاملين معه، مما يدعم العمل التربوي ويحقق أهدافه.ـ كسر الحواجز التي قد تعوق اتصال العاملين مع مديرهم، من خلال تواصله معهم، والاجتماع الدائم بهم، وتبادل الحديث معهم، الأمر الذي يوحي للعاملين باهتمام المدير والتزامه، مما يدفعهم للاستجابة لتوجيهاته.ـ معايشة الجو السائد في موقع العمل، وتحسس معوقاته، ومحاولة تجاوزها.ـ الحصول على تغذية راجعة غير رسمية من العاملين، تتعلق بقضايا تم إيصالها رسميًا بوسائل مختلفة.ـ إتاحة الفرصة أمام المدير لتقديم شكره ـ بصورة شخصية ومباشرة ـ للعاملين على جهودهم وإنجازاتهم المتقنة.ـ إظهار مدى اهتمام المدير بالهيئة العاملة معه. فيما يتعلق بأعضاء فرق العمل:الفوائد التي يجنيها أعضاء فرق العمل، يمكن إيجازها على النحو الآتي:ـ إتاحة الفرصة أمامهم لمقابلة المسؤولين في مواقع صنع القرار التربوي، وطرح وجهات نظرهم دون عوائق، والتحدث عن حاجاتهم ورغباتهم بصورة مباشرة.ـ إتاحة الفرصة أمامهم للاستماع إلى ما يجري في المؤسسة التربوية من قبل المسؤولين أنفسهم.ـ إتاحة الفرصة أمامهم لمشاهدة المسؤولين وهم يطبقون القيم التنظيمية السائدة في المؤسسة التربوية، ويتمثلونها في سلوكاتهم اليومية.ـ يقدم المسؤولون (المديرون) من خلال الإدارة بالتجوال دليلاً واقعيًا وملموسًا لأعضاء فرق العمل، على اهتمام الإدارة التربوية الحقيقي، والتزامها الفعلي إزاء العاملين معها، وسعيها الجاد لمعالجة المشكلات التي تواجههم أثناء عملهم، وتوفير الخدمات التربوية للفئات المستهدفة.إن تطبيق أسلوب الإدارة بالتجوال بصورة متكررة يولد لدى العاملين ـ عادة ـ توقعًا دائمًا ومتجددًا لزيارة قائدهم لهم في مواقع عملهم ـ ليس بهدف التفتيش عليهم أو الوقوف على نقاط ضعفهم ـ الأمر الذي يقودهم لبناء الثقة، وبالتالي يتحدثون معه بانفتاح حول كل ما يجري في مجال عملهم. وتُعد مثل تلك الزيارات وسيلة مهمة لتعزيز مصداقية المدير، وتعزيز مصداقية العاملين معه.ومن الأهمية إدراك أن بناء مثل تلك الثقة يحتاج لمزيد من الوقت حتى تؤتي أكلها، وحالما يثق العالمون بأن وجهات نظرهم في القضايا والمسائل المختلفة المتعلقة بعملهم، سيتم أخذها على محمل الجد من قبل أولئك القادرين على اتخاذ القرار وإحداث تغيير حقيقي، فإنهم غالبًا ما يميلون إلى الانفتاح والتحدث بحرية.كيف تطبق أسلوب الإدارة بالتجوال؟قد تبدو الإدارة بالتجوال للعديد من المديرين عند البدء بممارستها أسلوبًا يشوبه التكلف أو التصنع، وقد يشعرون بشيء من الصعوبة أثناء تطبيقه..! وهنا لا بد من الإشارة إلى أن هناك عددًا من المداخل والمرتكزات التي يمكن أن تساهم في نجاح تطبيق هذا النوع من الإدارة، أبرزها:ـ انتظام اللقاءات.ـ التزام الصدق والإخلاص.ـ التعاطف والانسجام بين المدير والفرق العاملة معه.ومن تلك المداخل يمكن اشتقاق مجموعة من الإرشادات ينبغي على القائد التربوي الالتزام بها وتنفيذها ومجموعة من المحاذير ينبغي الابتعاد عنها وتجنبها.إرشادات ينبغي عليك كقائد تربوي الالتزام بها وتنفيذها:ـ حدد وقتًا للخروج إلى مواقع العمل الميداني، وقم بالزيارة في الوقت الذي حددته، محاولاً تكرار هذه العملية.ـ احرص على توضيح أسباب الزيارة، والغاية التي تنشدها (الهدف).ـ استعد مسبقًا لتبدو بمظهر ملائم وهيئة مناسبة.ـ خطط وفق جدول زمني محدد ومنظم، لتتمكن من تغطية كل مجالات العمل وفعالياته، والتي تقع ضمن حدود إشرافك ومسؤولياتك، مركزًا على الأعمال والمهمات التي تتطلب مشاركة فعلية من قبل أفراد المجتمع المحلي وجمهور المستفيدين من تنفيذها.ـ حاول أن تتعرف مسبقًا على حاجات أفراد المجموعة المنوي زيارتها ومجالات اهتمامهم، والموضوعات التي يمكن أن يطرحوها أثناء زيارتك.ـ اطلب من المسؤول المباشر في موقع العمل أن يتولى مهمة التعريف بالأعضاء الجدد في فرق العمل، ليتم التعارف فيما بينهم والأعضاء السابقين.ـ احرص على تبادل الحديث مع عدد من أعضاء الفريق في كل زيارة ليتسنى لك بمرور الوقت تبادل الحديث معهم جميعًا.ـ اطرح مجموعة من الأسئلة ترتبط ـ بشكل أساسي ـ بطبيعة العمل، وجمهور المستفيدين من خدمات المؤسسة التربوية.ـ كن إيجابيًا وداعمًا ومشجعًا في أثناء زيارتك.ـ خاطب الأشخاص بأسمائهم ـ ما أمكن ـ.ـ كن متعاطفًا معهم، وحوّل قضاياهم إلى المسؤول المباشر شريطة أن تتابعها شخصيًا.ـ لتكن لديك إجراءات منظمة لمتابعة القضايا المهمة التي تبرز أمامك.ـ اعقد اجتماعات منتظمة مع هيئة العاملين معك في مواقع عملهم، وليس في مكتبك الخاص.ـ عبر عن وجهات نظرك وأفكارك بصراحة ووضوح....، فالعاملون معك يتوقعون منك نمطًا قياديًا واضحًا وملتزمًا.ـ استمع مبتسمًا وبشوشًا. محاذير ينبغي عليك كقائد تربوي الابتعاد عنها وتجنبها:ـ أن تتحدث في أثناء زياراتك مع أشخاص معينين دومًا متجاهلاً الآخرين، أو أن تنفرد في أحاديث ذات طابع شخصي مع بعضهم دون الآخرين.ـ أن تجيب عن أسئلة تتعلق بقضايا تتطلب بحثًا من خلال القنوات الرسمية.ـ أن تسمح للأفراد بالتعبير عما يجول في نفوسهم من أفكار هدامة (غير بناءة).ـ أن تجيب عن أي سؤال ما لم تكن متأكدًا من إجابتك، أو أن تجيب عن سؤال يضطرك إلى إفشاء سر أنت مؤتمن عليه.ـ أن تبدو كأنك تتصيد أخطاء الآخرين.ـ أن تبدو كأنك على عجلة من أمرك.ـ أن تُغالي من توقعات العاملين معك بصورة غير مستندة إلى أسس عقلانية.ـ أن تنتقد المسؤولين المباشرين أمام العاملين معهم.ـ أن تصطحب حاشية كبيرة في أثناء زيارتك لتفتخر أمام العاملين معك بعلو منزلتك.المراجعة والمراقبةتؤتي الإدارة بالتجوال أكلها، وتصبح ذات فعالية، عندما تمارس بانتظام، ومن قبل كل قائد تربوي في المؤسسة التربوية. ولابد لهؤلاء من وضع جدول زمني لزياراتهم مواقع العمل، ومقابلة العاملين فيها ومشاهدتهم عن قرب خلال العام الدراسي، وبخاصة من هم في أعلى السلم الإداري، كالمديرين العاملين في مركز الوزارة، أو مديري التربية والتعليم في الميدان، إذ لا بد لهم من التأكد أن مساعديهم يمارسون فعلاً أسلوب الإدارة بالتجوال بشكل منتظم، وأن يراجعوا معهم نواتج خبراتهم في هذا المجال، ومن ثم مناقشتها وتحليلها للإفادة من تطبيقها.الخلاصةتُعد الإدارة بالتجوال أسلوبًا بسيطًا وممتعًا وذا جدوى في مجال تطوير آلية الاتصال بين المديرين وفرق العاملين معهم، فهي تمنح المديرين فرصًا لـ:ـ معرفة ما الذي يجري في ميدان العمل ـ عن قُرب ـ.ـ معرفة المشكلات والمعوقات التي تواجه فرق العمل.ـ إدراك المهارات والكفايات والإنجازات التي يمتاز بها الأفراد العاملون في المؤسسة بصورة مباشرة.ـ إبراز القيم التي تُعد ذات أهمية للعمل التربوي والقائمين عليه.وبشكل عام، تتضمن الإدارة بالتجوال تطبيق سياسة الباب المفتوح في الإدارة، أي أن تخرج للناس بدل أن تنتظرهم، وأن تكسر الحواجز القائمة بينك وبينهم. كما تسهم الإدارة بالتجوال في نجاح العمل الجماعي الذي يُعد عاملاً مهمًا لبناء مستقبل المؤسسة التربوية وتعزيزه.