لوحات الاعلانات

المعلم القيمي




المــقـدمــــــــــــــة

       إن تنمية المجتمع مرهونة بتنمية الثروة البشرية فيه , والمعلم هو أساس الثروة البشرية فهو الذي يخرج الأجيال ممن سيكونون مستقبلاً علماء وأطباء وقادة ...... الخ. وبالرغم من أن الأسرة لها الدور الأساس في تنشئة الطفل , إلا أن المعلم يعتبر عنصراً أساسياً في تطوير العملية التربوية , ويقع على عاتقه الجزء الأكبر من عملية التطوير , لأنه المؤثر الأول على الطلاب الذين يمثلون الغاية من التطوير , فالمعلم يمثل الجانب الأكبر ذا الأهمية في العملية التربوية , لذا فلا بد من أن يتوفر فيه عدد من القيم التي تؤثر على سلوكه ,ويتحلى بصفات خاصة تجعله يتمشى مع جميع الأدوار التي تتطلبها العملية التربوية , لان المعلم هو القدوة عند تلاميذه , فالحسن عند التلاميذ ما فعل , والقبيح عندهم ما ترك ,وإن حسن سلوك المعلم أفضل تربية لهم .
أيـــها الـــرجل المعــــلم غيـــــره                 هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام والضنى                  كـــيما يصح وأنت به سقيم
ابــدأ بنفــسك فـإنــها عن غــيـهـا                فاذا انتهيت عنه فانت حكيم
فــهنـاك يقـــبل ما تــقول ويـــقتــدى                  بــالقـــول منــك ويــنفع التعلم
لا تــنه عن خلـق وتــأتي مـثــلـــه                  عـــــار علـيك إذا فعلــت عظــيم
غـيـر تــقـي يــأمـر النـاس بالتــقى                 طبيب يداوي الناس وهو سقيم
            ان الطالب يكون كالخامة متفاعلاً مع من حوله من الأشخاص , وتجد طباعهم تكتسيه , ويزداد ذلك التأثير لو كان مصدره من يعتقد فيه الطالب المثالية والأسوة الحسنة وهو بطيعة الحال معلمه ,ولهذا ينبغي للمعلم أن يُريه من الخصال الطيبة والصفات الحسنة ما تجعله يتحلى بها , وأن يعمل بما يأمر به طلابه من الآداب والأخلاق وغيرها من العلوم .


مفهوم القيم


    المعنى اللغوي للقيم : القيمة لغة واحدة القيم ,أي استخدمت لمعرفة قيمة الشيء .في  وردت"القيمة بالكسر واحدة القيم وماله قيمة إذا لم يدم على شيء وقومت السلعة واستقمت ثمنه واستقام اعتدل وقومته عدلته فهو قويم ومستقيم "  تعني الوزن والتقدير , وقد قيل قام الأمر أي اعتدل واستقام ,وقام الحق أي ظهر واستقر ,وقوَّم الاعوجاج أي عدله وأزال اعوجاجه .


       قال تعالى:  ذَلِكَ الدّينُ الْقَيّمُ  . [  التوبة: 36] . أي الدين الصحيح المقوم لأمور الناس قال تعالى:  فِيهَا كُتُبٌ قَيّمَةٌ . [البينة : 3]أي قيمة رفيعة . قال تعالى:  قُلْ إِنّنِي هَدَانِي رَبّيَ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مّلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ  . [ الأنعام : 161] . أي مستقيماً لا اعوجاج فيه .

      المعنى الإصطلاحي للقيم : للقيم معان مختلفة  من خلال المعنى اللغوي فإننا نجد القيم تأخذ عدة اتجاهات مختلفة لمفهوم القيم فهي تختلف حسب اختلاف المجال المعرفي وحسب اتجاه الباحث من حيث نرى في التعريفات السابقة إن القيم قد تكون فعل سلوكي وقد تكون موجهات أو اهتمامات حيال موقف أو أشخاص وقد تجمع بينهما .
        ومن خلال إن المؤشر الرئيس للقيم هو السلوك فقد عرف عبيداتالقيم بانها موجهات لسلوك الأفراد ضمن ثقافة معينة أو مجتمع معين تكتسب عبر التنشئة الإجتماعية ,ويعطيها الأفراد اهتماماً خاصاً وتشكل مبادئ تتكامل فيها الأهداف الفردية مع الأهداف العامة للمجتمع .  
      وعرفها Kurt Lewin     . فالقيمة عنده ليس لها وجود عياني يتجه صوبه الفرد لكي يحصل عليها ,مثل قيمة العدالة قيمة تقف عنصر توجيه السلوك من يتمثلها كقيمة نظرا لتحديدها لنوع الأنشطة السلوكية ذات الخصائص الايجابية ,وتلك الخصائص السلبية لفرد في موقف معين.
        ومن خلال ان المؤشر الرئيسي للقيم هو الاتجاهات ,أي أن القيم عند الأفراد اهتمامات واتجاهات فقد عرفها Bray Broke . أن القيم عند الأفراد أو بعضهم تعني أن لديهم اتجاهات ايجابية حيال بعض جوانب الحياة ,وأخرى سلبية تجاه بعضها . بمعنى أن القيم هنا تكشف عن نفسها من خلال اختيار بديل من بين البدائل أو القيم التي لديهم دون غيرها .
               وقد عرفها عطا  نقلاً من كاظم بأنها أهداف يسعى الأفراد لتحقيقها ,وهي تمثل مرجع حكم الأفراد على أنماط سلوكهم ,وتحدد من خلالها أهدافهم في ميادين كثيرة من الحياة ويعبر عنها بصراحة من خلال الألفاظ والعبارات أو ما يصدر عن الفرد من سلوك.
          وقد عرف القيم روكيش Rokeach  بأنها عبارة عن " اعتقاد دائم بان نمطا معينا من السلوك , أو حالة غائية من الوجود , متصل شخصيا واجتماعيا . فالقيم في نظره معايير مثالية توجه السلوك من داخل الفرد , أي أنها في جوهرها شخصية في حين أن المعايير الاجتماعية تمثل قواعد أو توقعات من الجماعة لسلوك أو اتجاه معين ,أي أن مصدرها جماعة وليس الفرد.
          وقد عرفها العوا بأنها تكون حاضرة في سلوك الإنسان وهي التي تحدد اتجاه هذا السلوك وترسم مقوماته وتعيّن بنياته . ومن ناحية مفهومها الأوسع بنية الواقع التي تلازم عملنا ,أو أنها طراز الشروع في العالم ووسمِه بسمات مطالبنا الدائمة  أو المؤقتة .  فالقيمة شرط كـــل وجود ,ولكنها ليست بذاتها وجوداً , إنها تبدو لنا في ثوب شيء نرغب به , أو هدف نبتغي نواله أو توازن نسعى إلى تحقيقه غير أنها لا تحدد بالهوية مع الموضوع الراهن أو مع اللحظة التي تجسدها إنما تقبع القيمة في الأفق إن صح التعبير أكثر من مكوثها بين أيدينا  .
          بعد ما تطرقنا لتعريف القيم فلابد أن نتناول مجموعة من المبادئ العامة التي تنظم منهجية التعامل مع القيم وتدريسها , وفهم هذه المبادئ يساعد على تدريس القيم بفعالية وكفاءة .
          وقد أورد الدكتور ماجد الجلاد. مبادئ عامة عند التعامل مع القيم تعلماً وتعليماً ينبغي مراعاة مجموعة من المبادئ العامة التي توجه عمليات اكتسابها وتعلمها وهي كالتالي :
1-القيم والاقتناع العقلي الحر :
      عند بناء القيم الصحيح لابد من الاعتماد على قاعدة واضحة من الاقتناع العقلي والاختيار الحر ,وتكون بعيدة عن التلقين والإكراه والإجبار , لأن القيم التلقينية المفروضة لا تتسم بطابع الثبات والاستمرارية , ولا تشكل وجداناً حقيقاً عند الفرد , لان القيم قضية تصورية وجدانية ومتأصلة في النفس البشرية ,وعلى هذا لابد من استنادها على قاعدة عقلية مدموجة وممزوجة بالعاطفة والوجدان حتى تتشكل عند الفرد بطريقة صحيحة .
2-القيم والتفكير :
       إن القيم ترتبط ارتباطاً مباشراً بالتفكير , لان الطريقة التي يفكر بها الفرد تصبغ مظاهر حياته كافة وتحدد أنماط القيم والسلوك التي تصدر عن الفرد, ونوضح ذلك من خلال استجابات الأفراد للمثيرات البيئية التي يتم التعرض لها ويستقبلونها ,حيث أنها تصل هذه المثيرات إلى الدماغ الذي يقوم بعمليات إدراكها وتحليلها وتصنيفها , ثم اتخاذ القرار المناسب حيالها , و يجدر بالذكر أنها عمليات بالغة التعقيد يتم فيها تداخل التجارب والخبرات والمعلومات وكذلك العواطف والمشاعر ....., ومن الملاحظ أنه يوجد ارتباط قوياً بين ما يملكه الفرد من قدرة على التفكير السليم وبين ما يتم من اختيار وما يتمثله من قيم واتجاهات .


3-القيم والاعتقاد :
        إن من أقوى العوامل المؤثرة في بناء القيم وتشكيلها الاعتقاد , حيث يشمل الاعتقاد تصور الفرد لحقائق الوجود الكبرى ( الإله , الكون , الحياة ) وكذلك اعتقاد الفرد عن ذاته  ( أنا مجد , أنا أمين  , أنا صادق , أنا قوي ,أنا ضعيف ) و أيضا عن معنى الأشياء ( أنا أحب الأمانة , أنا أحب الصدق ) وكذلك اعتقاده عن مسببات الأشياء أو أسبابها ( الصدق أهم شيء في الوجود ..... لأنه .......) .
        وتعليم القيم يتضمن تغيير الاعتقادات الغير مرغوب بها أو السلبية المؤثرة في بناء القيم إلى معتقدات مرغوبة أو إيجابية , وذلك من خلال معرفة المعتقد السلبي , وبيان سلبياته وتأثيراته على الفرد , وتبيان الاعتقاد الإيجابي البديل , ومن ثم تحديد فوائده وإيجابياته , ومن ثم إجراء التغيير الذاتي ودعمه بمواقف ومعززات .

4-القيم مواقف الصراع القيمي :
         تعليم القيم يعتمد على تخطيط مجموعة مواقف تعليمية متنوعة ,وتعتمد هذه المواقف على توضيح القيمة المتعلمة في صورة مشكلة قيمية تضم قيمتين متصارعتين , قد يعبر عنها بالقصص أو بالمسرحيات , أو بالحوار والمناقشة ...الخ
                 ويجب التأكيد هنا على أهمية تعليم القيم من خلال المواقف والمشاهد الحياتية اليومية العادية التي يعيشها الطالب , وربط ما يتعلمونه  بحياتهم ومشكلاتهم وواقعهم , وما يلاحظونه من قيم متصارعة هنا تؤثر على اختياراتهم مما تسبب لهم الحيرة والقلق بين خيارين ما يقبلونه وما يرفضونه .
             فالخبرة القيمية المباشرة يتم تعليمها عن طريق المواقف القيمية المتصارعة , وعند تهيئة المواقف القيمية للطلبة فأنها تساعدهم على الاختيار الواعي , والنقد والتقويم لقيمهم في ظل المعرفة المعمقة , وتجعلهم يفكرون في عواقب ونتائج ما يختارون ,وكذلك توضح لهم أسباب اختيار الأفراد لقيمهم ودوافع الاختيار , كما أنها تتيح الفرص للطلبة لتعبير عن أرائهم وتوجهاتهم القيمية بحرية ,وكذلك تشجعهم على إبداء الأفكار عن ما يعتقدون من قيم إيجابية وسلبية .

5-القيم والقدوة :
      إن للقدوة الحسنة التأثير البالغ في التنشئة بجميع جوانبها , لأن الإنسان يتعلم من الأفعال والسلوكيات الحية أكثر مما يلقى عليه من معلومات وتوجيهات ونصائح ومعارف نظرية لا واقع لها , وأما من خلال القدوة الحسنة والنماذج المشرقة فإن الفرد يتشرب القيم الإيجابية بتلقائية وعفوية ودون أن يشعر , هنا ظهرت له القيم في تصرفات وأفعال لها أثر ملموس , وكما تؤثر القدوة السيئة فيه فتكسب الفرد القيم السلبية والسلوكيات الغير مرغوبة .
     من خلال ذلك فإن تعليم القيم يتطلب وجود القدوة الحسنة , من الأب والأم ,وكذلك المعلم الذي يعد للطالب أنموذجاً في كل ما يصدر عنه , وعند وجود هذه القدوات فإن الفرد يجعله يقارن ويميز بين أنماط السلوك المختلفة .

6-القيم والشمولية :
       لابد من التعامل مع القيم من منظور شمولي تكاملي وتتضمن :
 -النظر للقيمة من الناحية المعرفية والوجدانية والسلوكية.
-التنوع في طرق تعليم القيم .
-توظيف الأنشطة التعلمية و التعليمية التي تراعي تنمية القيم وتعزيزها .
-جعل تقويم اكتساب القيم وتمثيلها ركناً رئيساً في تقويم الطلبة . 
   

هناك تعليق واحد:

تكرما ادعمنا بالتعليق